هب الشعب للمشاركة في الانتخابات الماضية ولسان حالة يردد ما قاله الطغرائي منذ الف عام وربما اكثر (اعلل النفس بالآمال أرقبها * ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل)
فالتفاؤل خصلة تلازم الشعوب الحية لا سيما تلك التي تخوض معاركها الخاصة حتى تنهض في مؤسساتها وتطهرها من الفساد ومظاهر التخلف .وعلى الرغم من مشاعر الغضب والإحباط وعدم الرضا التي سادت اثر بطلان مجلس 2022 ، الا ان الشعب الكويتي هب مرة أخرى تلبية لنداء تصحيح المسار وفضل المشاركة وممارسة حقة الدستوري على الانهزام والانكفاء امام العقبات وامام سياسة الامر الواقع .
شارك في الانتخابات لينقذ البلد من حالة التردي العام وليحررها من اغلال الفساد ، وليثبت الشعب مرة تلو الأخرى انه شعب واع ومخلص وصادق ، شعب قادر ويقدر على تقويم المشهد السياسي ووضع الأمور في نصابها الصحيح ما ان تحيد عن جادة الصواب ، ومهما تكالبوا عليه رموز الفساد وزبانيتهم وحاولوا تظليل الحقائق ودس السم بالعسل كما هو دأبهم الا ان الشعب قادر على إعادة ترتيب المشهد السياسي لصالحه من جديد وهذا ما حصل في يوم 6/6 لتسفر النتائج عن مجلس امة ( لا نزال حتى لحظة كتابة هذه الكلمات ) نحسن الظن فيه وبأعضائه وننتظر منهم الرقابة الجادة والتشريعات الجيدة التي تنهض بالبلاد والعباد . وبطبيعة الحال فالأقوال ما قبل القسم تختلف في وزنها ووقعها عما بعده – فما قبل القسم هي مجرد اقوال تصدر من مرشح يسعى للفوز برضى ناخبيه ونيل تأييدهم ، وحتى لو كان المرشح مؤمناً فيما وعد به ناخبيه او لم يكن مدركاً لوعوده حيث طار به الحماس ليبالغ في الوعود وليبرم العهود على وقع التصفيق والهتاف من بعض الحشود – فكل ما يسبق القسم من اقوال لا يمكن التعويل عليه لان الاختبار الحقيقي لممثل الامة ومتابعة اداءه في البرلمان يبدأ بعد اداءه لليمين الدستورية ، فالأمر مختلف حينها حيث تبدأ الرقابة الشعبية على أفعال واقوال ( نائب الامة ) ويتبين بعدها ما اذا كان صادقاً فيما وعد به ناخبيه ام كان مسرفاً في وعوده ، وليعلم كل من يجلس تحت قبة عبدالله السالم ان الشعب لديه تجربة سياسية كبيرة ولن يرضي بضياع حقوقه الدستورية جراء السعي خلف المصالح الشخصية او نتيجة الدخول في صراعات ومعارك وهمية لا ناقة ولا جمل للشعب فيها.
فالكل مدرك انه لم يعد لدينا ترف إضاعة المزيد من الوقت في التصفيات السياسية بين الخصوم ، وهذه دعوى وتذكره ليتحمل نائب الامة مسؤولياته وان يبر بقسمة العظيم وان يبدأ في التركيز على ما ينفع الناس ويحمي مصالحهم من خلال الاتفاق على الأولويات التشريعية بحيث يكون من الممكن إنجازها دون الصدام مع الحكومة بغية تحقيق الاستقرار السياسي. الا انه وان كان الاستقرار السياسي مطلباً مهماً في هذه المرحلة فلا يجب ان يكون على حساب الرقابة البرلمانية على اعمال الحكومة والتهاون فيها ، كما ان العمل السياسي – البرلماني يتطلب الموائمة بين الاعضاء وتحديد الأولويات والاتفاق بشأنها (فعلاً لا قولاً) فالشعب ينتظر الكثير من الإنجازات على كافة المستويات وبلا شك إن إعادة النظر في القوانين التي تعنى بالمعيشة واستدامة الرفاة بات امراً ملحاً لا مناص عنه . ولذلك فالمسؤولية مضاعفة على ممثلي الامة الذين يقعون اليوم بين مطرقة الرقابة البرلمانية وسندان الإنجازات الشعبية الذي يتطلب التوافق مع الحكومة ، اما الشعب فينتظر الانجازات بفارغ الصبر ، وحيث انتهت الانتخابات البرلمانية تبدأ بعدها الرقابة الشعبية وليعلم الكافة ان الشعب قادر على تصحيح المسار لأنه مصدر السلطات .
لافتـه
ان الآمال المعقودة على المجلس الحالي كبيرة جداً والتحديات جسام الا اننا نحسن الظن في الحكومة وبممثلي الامة ونتمنى لهم النجاح في أداء الأمانة وان يبروا بالقسم ، فقد جاء في محكم التنزيل ( وانه لقسم لو تعلمون عظيم ) .